وأصبح للخيول المسنة وقف ومرج أخضر ..المرج الأخضر… وقف تجلت فيه الإنسانية بأبهى الصور

عم خيره الجميع على حد سواء… وسمت دروبه وأساليبه حتى بات للدواب نصيب منه ليكون لها مرتعاً ومستطباً… إنها قصة وقف جمع أطراف الرحمة واللطف بخلق الله، لتتجلى الإنسانية من خلاله بأبهى صورها…

سمع أهل السوق في دمشق صوت خيلٍ يصهل ويئن.. يحاول المشي باستقامة فيترنح يميناً وشمالاً، حتى إذا وصل عند آخر السوق خر وقد أسلم روحه..

لم تعتد دمشق مشهداً كهذا من قبل، ولذلك وقف أهلها حائرين أمام ما رأوا؛ فكيف لحيوان يعيش بدمشق أن يدمى ويئن ألماً ثم لا يجد من يطعمه أو يطببه..

ولما اجتمع أهل السوق من التجار وأعيان المدينة حول الخيل الميت عرفوا أن سبب تخلي أصحابه عنه أنه هرم فلا يطيق سباقاً ولا يقدر على إعانتهم بشيء، بل حتى أنهم غير قادرين على بيعه، فمن ذا الذي يشتري خيلاً لا يحمل المتاع، ولا يركض المسافات الطويلة..

لم يستسغ أهل الخير من التجار وأعيان دمشق الأمر، فأخذوا على عاتقهم إيجاد حلّ لهذه المشكلة، ولم يطل الزمان بهم، فقد اجمعوا أمرهم أن يجعلوا من المرج الأخضر -وهو أرض على أطراف المدينة آنذاك- وقفاً للخيول المسنة والمريضة، التي تخلى عنها أصحابها، فكانت الخيل إذا مرضت فلم تقو على العمل، أو هرمت فلم تعد تصلح للركض والسفر، أخذها أصحابها إلى المرج الأخضر، تأكل فيه وترعى، ويطببها أهل الخير ويقومون على الاعتناء بها…

لم يكن وقف المرج الأخضر للخيول المسنة حدثاً غريباً على أهل زمانه، فلم تقف رحمتهم بالحيوان عند الخيول فحسب، بل أوقفوا الأوقاف للحمام والكلاب الضالة أيضا، لتكون رسالتهم لنا.. بأوقافها تحيا الأمم…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solverwp- WordPress Theme and Plugin