اعتنوا بها وأنشأوا لها الصروح وعينوا لها العمال وأغدقوا عليها مما رزقهم الله، فانعكس ذلك علواً ورفعة على سلم الحضارة… إنها الصحة التي بها تشتد السواعد وتسمو الهمم للارتقاء إلى قمم المجد، والوقف كان أحد الأجنحة التي حلقت بها حضارتنا نحو الأفق المجيد
الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بنى في عام ٨٨هـ، دارًا لمداواة المرضى، وجعل فيها الأطباء، وأجرى عليهم الأرزاق عن طريق الأوقاف، وأعطى كل مقعَد خادمًا، وكل ضرير قائدًا يسهر على راحته.
حَظِي قطاع الصحة باهتمام كبير في الحضارة الإسلامية، والحديث الصحيح: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء) البخاري كان ملهمًا للمسلمين لبحث واكتشاف أكثر الأدوية فعالية وضمانًا لصحة الإنسان. إن الأوقاف التي خدمت الصحة قديمًا تحثنا اليوم لاستكمال هذه المسيرة الرائعة فتاريخ تجاربنا الوقفية التي خدمت القطاع الصحي لم تكتفِ بالعلاج فقط، بل بكل ما يتصل بصحة الإنسان.. وما يمكن أن ينجزه الوقف اليوم في خدمة الصحة ليس مقصورًا على المستشفيات، بل بالكثير الكثير، فالوقف حين يخدم الصحة فإنه يسهم بشكل مباشر وغير مباشر في حركة التنمية، إذ كيف يمكن أن تزدهر الحضارة في بلدٍ مكتظٍّ بالمرضى والمصابين؟!
وفي عصرنا المدجج بالتكنولوجيا والتقنية تبدو أبواب الوقف في مجال الصحة ومراكز الأبحاث الطبية والدوائية والوقائية أكثر تنوعاً وأكثر ضرورة وإلحاحاً للعودة بأمتنا إلى مكانتها المعهودة في ركب الحضارة.